:الدراسة لها
لأنه لا ينبغي التخلي عن النساء أو الفتيات
ياسمين وباهي
عضوة في ديوان المغرب
نوفمبر 10، 2020
Moment for Women Magazineتم ترجمت هذه المادة من
تخيل أنك لا تستطيع قراءة الصحف ولا الكتب، ولا فهم إشارات المرور، ولا ملء طلبات التقدم للوظائف، ولا قراءة الملصقات الموجودة على المنتجات الغذائية، تخيل أنك دائم الحاجة للآخرين لإنجاز المهام اليومية البسيطة.
هذا هو الواقع بالنسبة لأكثر من 773 مليون شخص أميّ بالغ حول العالم معظمهم من النساء، وهذا وفقاً لمنظمة اليونسكو.
وقد أصبح وضع هؤلاء النساء والفتيات الآن أكثر مدعاة للقلق؛ حيث أدت جائحة كوفيد-19 إلى إيقاف سنوات من التقدم في مجال التعليم نتيجة لتفاقم الأمية ومحدودية أو انقطاع التعليم الرسمي وأوجه عدم المساواة طويلة الأمد. ووفقاً لمنظمة اليونسكو أدى إغلاق المدارس إلى توقف 90% من الطلاب عن الذهاب للمدرسة.
بينما يواجه العالم كارثة تعليمية، لا يوجد لدينا حل أفضل من العمل معاً على تنفيذ خطة التعافي من جائحة كوفيد-19، والتأكد من أن التحركات الوطنية والقارية والعالمية لن تتخلى عن أحد فيما يتعلق بالتعليم بما في ذلك النساء والفتيات اللاتي يمثلن أكثر الفئات تأثراً.
في خضم هذه الأزمة أطلقنا في ديوان الرباط في شبكة الشرق الشبابي مشروعاً جديداً بعنوان “الدراسة لها” للتشجيع على تعليم الشابات وكبيرات السن وإلهامهن من خلال توضيح أهمية التعليم في حياتهن والحيلولة دون الأمية ومحدودية أو انقطاع التعليم الرسمي. هذا بالإضافة إلى مد الجسور بين الشابات وكبيرات السن عن طريق تشجيع الحوار بين الأجيال وحركة “النساء يدعمن النساء”.
بصفتي مؤسسةً مشاركةً في هذا المشروع أؤمن بصدق أن الفتيات المتعلمات يتمتعن بقوة هائلة لنزع فتيل الحروب في إفريقيا وتشكيل حياة الأجيال القادمة، وأن كل واحدة منا -نساءً وفتيات- لديها القدرة على تغيير حياة النساء أو الفتيات من خلال تشجيعهن على محاربة الأمية والعودة إلى المدرسة.
خلال فعالية #Act4RuleofLaw لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) “JustGirls”
ويمكن تحقيق ذلك من خلال إجراءات بسيطة، حيث يمكن للفتاة استثمار بعض وقتها في تعليم والدتها الأمية القراءة والكتابة، بينما يمكن أن تقوم الأم بتعليم فتياتها وتمكينهن، وكلتاهما لديهما القدرة على التأثير على الأجيال القادمة والتأثير على ملايين الأرواح. هذه هي القوة الحقيقية للفتيات والنساء والمتعلمات عندما يقمن بتمكين ومساندة بعضهن البعض والإيمان بأن الجمال الحقيقي يكمن في ما يمكن أن يحققنه وما يمكن أن يصبحنه.
القصة وراء إنشاء هذا المشروع
لقد جئت من أسرة متواضعة، حيث كان والداي يعملان بجد من أجل أن يوفرا لنا أساسيات الحياة، ولذلك كان على أختي ترك المدرسة منذ أن كانت في العاشرة من عمرها من أجل تربيتي. ونشأت مدركةً كيف أن هذا القرار غير العادل جعلها تتساءل عن فائدتها وحظها وحتى وجودها.
لقد تم التخلي عنها، شأنها شأن العديد من الفتيات في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط لمجرد أنهن إناث، والأدوار الاجتماعية المنسوبة إليهن: زوجات وبنات وأمهات وأخوات للرجال… وليس على قدم المساواة مع الرجال.
الدراسة لها: قصصهن الملهمة
تقول نادية بادنيني أستاذة الفلسفة والمؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال ندوة عبر الإنترنت من تنظيم مركز الشرق الشبابي بالمغرب بعنوان “الدراسة لها: قصصهن الملهمة”: “في مجتمعاتنا غالباً ما لا يكون للفتاة الحق في الاختيار لنفسها، وإنما يختار والدها أو شقيقها أو زوجها أو حتى أطفالها نيابة عنها. وتظل المرأة ضحية طوال حياتها، سواء كانت فتاة صغيرة أو مراهقة أو شابة أو حتى امرأة ناضجة، حيث غالباً ما تكون تحت وصاية شخص آخر”.
واستضافت هذه الندوة نساء ملهمات أخريات مثل زهرة مرابط البالغة من العمر 50 عاماً، وهي طالبة تمريض في الولايات المتحدة الأمريكية بعد انقطاع طويل الأمد عن المدرسة لما يزيد على 25 عاماً. على الرغم من التحديات الكثيرة والنقد القاسي من المجتمع تشجع زهرة الآن النساء اللواتي يرغبن في العودة إلى المدرسة ولكنهن يخشين البدء في هذه الرحلة.
وفي هذا الصدد تقول: “إلى جميع النساء اللاتي انقطعن عن الدراسة: لا تخفن من الدراسة مع زملاء أصغر سناً، وتحليّن بالقوة، وصموا آذانكن عن آراء الناس. التعليم هو الحل لجميع مشاكلكن”.
وفي نفس السياق تتأمل فاطمة الزهراء أوشام، التي أصبحت ممرضة تخدير بعد انقطاعها عن المدرسة لمدة 10 سنوات، كيف يجعل التعليم النساء أمهات أفضل ونماذج يُحتذى بها.
وتقول: “إذا اهتممت بنفسك وبتعليمك فستصبحين أماً أفضل، وستكونين قدوة لأطفالك وفخراً لأسرتك ومجتمعك، والأهم من ذلك أنك ستفتخرين بنفسك”.
يُعد تعليم الفتيات والنساء أمراً بالغ الأهمية في مجتمعنا نظراً لأن العديد من الناس يعتبرونه ترفاً أو مضيعة للوقت، وليس حقاً أساسياً لكل فتاة وامرأة.
لذلك فإن تمكين بعضنا لبعض والمجاهرة بمناهضة الأسباب الجذرية لعدم المساواة يمثلان إجراءين حاسمين لتحقيق الهدفين 4 و5 من أهداف التنمية المستدامة: التعليم الجيد والمساواة بين الجنسين، مع بناء مستقبل مقبول لكل فتاة وامرأة.